عرف منتوج البطاطا ارتفاعا غير مسبوق في الأسعار خاصة في شهر رمضان و هو المنتوج الذي كان قبل ذلك يعرف وفرة كبيرة و يباع للمستهلك بأسعار منخفضة ,, و فيما ترجع الجهات الوصية على القطاع الفلاحي و التجاري هذا التذبذب للمضاربة التي يقوم بها بعض التجار من أجل الربح غير المشروع خاصة و نحن في هذا الشهر الفضيل التي من المفترض أن تختفي مثل هذه الممارسات ,, يرجع الباحث و الخبير في تطوير مادة البطاطا الأستاذ فاروق سليماني اسباب هذا الوضع إلى أمور أعمق من ذلك من خلال هذا الحوار .
- بداية كيف تعلق على هذا الإرتفاع الكبير في سعر البطاطا خاصة في شهر رمضان , هل كان ذلك مفاجئ بالنسبة لك ؟
- في البداية أود أن أوضح شيء مهم ، هو انه ارتفاع أسعار البطاطا ، لم يكن مفاجئ كما يتزعمه البعض، بل بوادر الأزمة كانت واضحة إبتداء من نهاية شهر فيفري ، بحيث كانت الاسعار تتراوح ما بين 28 و 35 دج ،
ابتداء من شهر مارس بدءا الارتفاع تدريجي إلى غاية بداية شهر أفريل بحيث كانت تتداول في أسواق الجملة ما بين 40 و 60 دج و ذلك حسب الجودة لتصل عند المستهلك بسعر يتراوح ما بين 55و 70دج لتتراجع قليلا و تستقر لفترة معينة في حدود 55الى 70دج للمستهلك , عند حلول الشهر الفضيل بدأت الاسعار تاخذ مجراها التصاعدي بصفة جنونية رغم إقحام السوق بالمنتوج الجديد لمستغانم و بعض المناطق الساحلية .
و ما زاد في حدة الأزمة ، هو سوء الأحوال الجوية التي عرفتها المنطقة الشمالية للبلاد في الآونة الأخيرة.
كنا نتوقع أن الاسعار سوف تتحسن بمجرد تحسن الأحوال الجوية و لكن مع الأسف لم يتحقق ذلك و لو اننا لاحظنا انخفاض طفيف .
- من المفترض أن ينقص معدل إستهلاك البطاطا في شهر رمضان , فكيف للسعر ان يرتفع بهذه الصورة ؟
نعم من المعروف أن اي منتوج كان سواء فلاحي أو صناعي ، الكل معرض لقوانين العرض و الطلب , و من المفروض ، استهلاك البطاطا في شهر رمضان ينخفض طبيعيا ، كون ان معظم المرافق العمومية التي تستهلك كميات كبيرة من هذا المنتوج ، من مطاعم الشركات و الجامعات المحلية و المطاعم بصفة عامة مغلقة ، ضف إلى ذلك ، نقص استهلاك المواطن للبطاطا في هذا الشهر بحكم تحديد الوجبات الغذائية إلى وجبة واحدة في اليوم و كذا تنوع الأكلات في وقت
الافطار ، فكيف للسعر ان يرتفع في ظل كل هذه المؤشرات ؟ وبموجب هذا التحليل لا يمكننا الا ان نتوقع ندرة حادة لهذا المنتوج و لو ندرة ظرفية ، لا غير .
- لكن المنتوج الصحراوي من مادة البطاطا خاصة القادم من وادي سوف كان يغطي تماما هذا العجز في النقص و ذلك منذ عدة سنوات , ماذا حدث هذه السنة ؟
نعم ,, و هذه الوضعية كانت معهودة في السابق في نفس الفترة اي في شهر مارس و أفريل ، و لكن كادت أن تنقرض ، منذ أن تطورت زراعة البطاطا في منطقة واد سوف و أصبحت تشكل حلقة وصل بين المنتوج الصحراوي والمنتوج الساحلي . و لكن الذي حدث هذه ال سنة مرده يعود لخلفيات خسارة الفلاحين لثلاثة او اربع مواسم متتالية ، ففي هذه السنة لاحظنا أولا تراجع في المساحات المزروعة في زراعة آخر الموسم في الكثير من المناطق المنتجة لهذه المادة وخاصة منطقة واد سوف ، و تردد الفلاحين في زراعة البطاطا في تلك المنطقة بسبب غلاء و تكلفة الإنتاج جعلهم يتاخرون في الزراعة بحيث الأغلبية زرعوا في نهاية شهر سبتمبر و بداية شهر أكتوبر، أي بحوالي شهر كامل على الموعد الحقيقي للزراعة ، فعلى الورق لن نلاحظ تقلص ملحوظ في المساحات المزروعة ، و لكن سوء الأحوال الجوية التي طرأت في تلك المنطقة ، من زوابع رملية والبرد الشديد في نهاية شهر ديسمبر ، أدت إلى اتلاف المحصول بشدة ، خاصة بالنسبة للفلاحين اللذين تاخروا في الزراعة ، مما أدى إلى اتلاف المجموع الخضري و بالتالي ، انخفاض حاد في المنتوج
خروج منتوج واد سوف المبكر من السوق بسبب ندرته ، و الدخول المحتشم للمنتوج الساحلي ، أدى إلى الوضعية الحالية
أما بالنسبة الاستراتيجية المنتهجة في هذه الشعبة ، اضن انه حان الوقت في إعادة النظر بطريقة عميقة و دقيقة ، في المنهجية و تشخيص كل نقاط الضعف في تسيير هذه الشعبة كونها مادة أساسية و حساسة ، تمس بالأمن الغذائي للبلاد ، بحيث بقينا نعاني من نفس المشاكل منذ زمن طويل منعتنا من وضع حل نهائي خاصة التذبذب في السوق ، فتارة فائض في المنتوج فينكسر الفلاح ، و تارة نقص في المنتوج فيتضرر المستهلك .
- كيف تتوقع الوضع بعد شهر رمضان ؟
أما فيما يخص بسؤالك حول التوقعات بعد شهر رمضان ، في الحقيقة هذا يتوقف على المساحات المزروعة و في المناطق التي سوف ينطلق فيها جني المحصول ابتداء من شهر الجوان و هي عديدة مثل عين الدفلة ، معسكر، بيرين، مستغانم، البويرة، و اد سوف، الخ
- هناك من يفسر سبب تراجع الفلاحين عن غرس البطاطا بإشكالية التسويق بحيث كان الفلاح لا يجد اين يسوق منتوجه من البطاطا بعد الجني خاصة عندما نتكلم عن الصناعات التحويلية , هل تتفق مع هذا الطرح ؟
- فيما يخص بالمصانع التحويل ، هناك أكثر من 25 مصنع خاص بتحويل البطاطا في الجزائر بغض النظر عن المصانع الصغيرة التقليدية ، و للمعلومة كذلك و هذا شيء مهم ، هذه المصانع تستعمل أصناف خاصة و مخصصة لكل نوع ، فعلى سبيل المثال الاصناف الخاصة بإنتاج الشرائح شيبس ليست نفس الاصناف الموجهة لانتاج الفريت المجمدة ، فعدم وفرة اي صنف من البطاطا في السوق ، لا يخدم مصالح هذه المصانع التي هي الآن على وشك الإغلاق بسبب نقص المادة الأولية الراجع لعدم استراد البذور الخاصة بها .
- ما هي الحلول التي تراها ناجعة للخروج من هذه الأزمة و عدم الوقوع بها مجددا ؟
بالنسبة للحلول التي أراها مناسبة للخروج من الأزمة ، هذا موضوع طويل و يتعلق بالحلول على المدى الطويل ، يمكنني أن الخصها في بعض النقاط المهمة .
- أولا بالنسبة لمشكلة تذبذب السوق ، يجب الاهتمام بالصناعات التحويلية و التصدير وإعطائها الاهتمام الحقيقي و ليس الشكلي لأن الصناعة التحويلية و التصدير هو من يجلب القوة المنتجة لهذه المادة و استدراجها للقيام ببرامج خاصة تعاقدية مع المصنعين و المصدرين و هكذا يمكننا ضبط السوق بطريقة طبيعية و مستديمة .
- – توجيه التدعيم في شعبة البطاطا لوسائل الإنتاج و ليس للمنتوج كما هو الحال حاليا منذ سنوات
- – التكفل بإنتاج البذور بطريقة علمية و مستدامة للحصول على بذور ذات جودة عالية
- الاهتمام بالارشاد الفلاحي لتحسين تقنيات الانتاج الذي يعتبر ضعيفا
- – ادراج تقنيات حديثة للرفع من المردود في الهكتار كالري بالتنقيط ، التسميد العضوي ، إدخال المكننة ، إلخ
اترك رد