لازالت صور الفلاح الجزائري عالقة في الأذهان في اعقاب الاستقلال و ما تلتها من سنوات و هو يكد و يجتهد خدمة للأرض رغم بساطة الامكانيات، حتى اصبحت صوره و عتاده رمزا وطنيا يصك على العملات و الاوراق النقدية ، بيد أنه في السنوات الاخيرة أصبح الفلاح لا يعني بالضرورة كل مجتهد، بل مجرد اسم محرر فوق عقد امتياز لا تكاد تجد له مكان جغرافي يستغله ، رغم الجهود المبذولة بين الفينة و الأخرى الا أنه و بفساد فاسد و تحايل متواطئ وزعت الآلاف من الهكتارات على من لا يستحقها و لا نية له في خدمتها ، تحضرني هاته الكلمات كلما سافرت جنوبا للصحراء حيث الاراضي الشاسعة على مد البصر موزعة ورقيا خاوية على عروشها ميدانيا، الا اذا استثنينا بعض الرجال و النساء الذين جعلوا من الصحراء القاحلة جنان خضراء ، لا يمكن للبلدان يرتكز على أسس صلبة ما لم يتم وضع القطاع الفلاحي كاولوية و ان يتم وضع العقار الفلاحي على راس اولى الاولويات فيتم سحب البساط من تحت ارجل دخلاء و مرتزقة القطاع الفلاحي و هذا باعادة التحقيق المعمق في كل شبر تم توزيعه و لم يتم استغلاله، خصوصا و ان لدينا تجارب في الميدان اثبتت نجاعة و مردودية إنتاجية كبيرة متى كانت الارض مستغلة ، ولاية الوادي كمثال حي حينما اصبحت الرقم واحد على مستوى الوطن في انتاج الخضروات و بعض الفواكه الموسمية ، مثال آخر في انتاج القمح و الذرة في المنيعة و حاسي لفحل و تيميمون و ادرار حيث حققت هاته المناطق انتاج قياسي في الهكتار الواحد غير ان المساحة المستغلة تعتبر لاشيء قياسا بما تم توزيعه من عقود امتياز ، و لو افترضنا ان استغلال تلك الاراضي كان بالنصف فقط لكانت الجزائر سلة الخضر لافريقيا .
تم طرح محاولة لسد ثغرة عدم استغلال الاراضي الفلاحية باصدار قانون الشراكة ، غير ان هذا الاخير تواجهه مشاكل قانونية و عملية جعلته مجرد حبر على ورق في كثير من الأحيان على اعتبار الشريك المساهم بالمال و العتاد يعتبر الحلقة الاضعف في عقد الشراكة ، بالتالي وجب على القائمين على القطاع البحث عن حلول انجع لمشكلة استغلال العقار الفلاحي .
امن الجزائر و الاجيال القادمة في انتاج غذاءها بيدها بعيدا عن تخوفات و تقلبات اسواق المحروقات التي ليس بمقدورنا التحكم بها ، لازال بوسعنا ان نتدارك النقائص الكثيرة في هذا القطاع و ان نستثمر فيما حبانا الله به من شساعة الاراضي و كثرة المياه الجوفية حتى ننطلق بخطى ثابتة نحو جعل القطاع الفلاحي سلاحا إستراتيجيا لا يمكن التفريط فيه فتعود الأرض لمن يعشقها و يخدمها فينفع نفسه و اهله و وطنه.

اترك رد